كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فقال: لا أقدر عليه. فقيل له: أو يكون لك بيت من زخرف أي من ذهب فيغنيك عنا. فقال: لا أقدر عليه. فقيل له: فإذا كنت لا تستطيع الخير فاستطع الشر فأسقط السماء كما زعمت علينا كسفًا. فقال عبد الله ابن أمية المخزومي- وأمه عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم- لا والذي يحلف به لا أؤمن بك حتى تتخذ سلمًا فتصعد عليه ونحن ننظر فتأتي بأربعة من الملائكة فيشهدون لك بالرسالة، ثم بعد ذلك لا أدري أؤمن بك أم لا. فأنزل الله هذه الآيات. ولنشرع في تفسير اللغات. فقوله: {ينبوعًا} أي عينًا غزيرة من شأنها النبوع من غير انقطاع، والياء زائدة كيعبوب من عب الماء. وقوله: {أو تكون لك جنة} معناه هب أنك لا تفجر الأنهار لأجلنا ففجرها من أجلك. وقوله: {كما زعمت} إشارة إلى قوله سبحانه: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السماء} [سبأ: 9] أو إشارة إلى ما مرّ في السورة من قوله: {أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبًا} [الإسراء: 68] أي أجعل السماء قطعًا متفرقة كالحاصب واسقطها علينا. وقال عكرمة: كما زعمت يا محمد أنك نبي فاسقط السماء علينا. وقيل: كما زعمت أن ربك إن شاء فعل. قال في الكشاف: الكسف بسكون السين وفتحها جمع كسفة بالسكون كسدرة وسدر وسدر. وقال أبو علي: الكسف بالسكون الشيء المقطوع كالطحن للمطحون. واشتقاقه- على ما قال أبو زيد- من كسفت الثوب كسفا إذا قطعته. وقال الزجاج: من كسفت الشيء إذا غطيته كأنه قيل: أو تسقطها طبقًا علينا، وهو نصب على الحال في القراءتين. ومعنى {قبيلًا} كفيلًا بما تدعي من صحة النبوة والمراد أو تأتي بالله قبيلًا وبالملائكة قبيلًا فاختصر، أو المراد المقابل كالعشير بمعنى المعاشر. وفيه دليل على غاية جهلهم حيث لم يعلموا أنه تعالى لا يجوز عليه المعاينة نظير قولهم: {لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا} [الفرقان: 21] وقال ابن عباس: أراد فوجًا بعد فوج. وقال الليث: كل جند من الجن والإنس قبيل وقد مر في تفسير قوله: {إنه يراكم هو وقبيله} [الأعراف: 27].
قوله: {بيت من زخرف} قال مجاهد: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأينا في قراءة عبد الله {أو يكون لك بيت من ذهب}. وقال الزجاج: هو الزينة ولا شيء في تحسين البيت وتزيينه كالذهب. {أو ترقى في السماء} أي في معارجها فحذف المضاف. يقال: رقي في السلم وفي الدرجة. والمصدر رقى وأصله فعول كقعود {و} معنى {لن نؤمن لرقيك} لن نؤمن لك لأجل رقيك {حتى تنزل علينا كتابًا} من السماء فيه تصديقك. قال الرسول: متعجبًا من اقتراحاتهم أو تنزيهًا لله من تحكماتهم أو من قولهم: {أو تأتي بالله} {سبحان ربي هل كنت} أي لست {إلا بشرًا رسولًا} فإن طلبتم هذه الأشياء أن آتي بها من تلقاء نفسي فالبشر لا يقدر على أمثال ذلك فكيف أقدر أنا عليها؟ وإن أردتم أن أطلب من الله إظهارها على يدي فالرسول إذا أتى بمعجز واحد وجب الاكتفاء به، ولا ضرورة إلى طلب الزيادة وأنا عبد مأمور ليس لي أن أتحكم على الله بما ليس بضروري في الدعوة.
ثم حكى عنهم شبهة أخرى فقال: {وما منع الناس أن يؤمنوا} أي الإيمان بالقرآن وبنبوة محمد {إذ جاءهم الهدي} وهو الوحي المعجز الهادي إلى طريق النجاة {إلا أن قالوا} منكرين {أبعث الله بشرًا رسولًا} ثم أجاب عن شبهتهم بقوله: {قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون} على الأقدام كما يمشي الإنس {مطمئنين} ساكنين فيها {لنزلنا عليهم من السماء ملكًا رسولًا} لأن الرسول لابد أن يكون من جنس المرسل إليهم. فكأنه اعتبر لتنزيل الرسول من جنس الملائكة أمرين: أحدهما كون سكان الأرض ملائكة، والثاني كونهم ماشين على الأقدام غير قادرين على الطيران بأجنحتهم إلى السماء، إذ لو كانوا قادرين على ذلك لطاروا أو سمعوا من أهلها ما يجب معرفته وسماعه فلا يكون في بعثة الملك إليهم فائدة. وجوز في الكشاف أن يكون قوله: {بشرًا} و{ملكًا} منصوبين على الحال من {رسولًا} بل زعم أن المعنى له أجوب، ولعل ذلك لأن الإنكار توجه إلى كون الرسول متصفًا بحالة البشرية لا الملكية، وإذا كان أحد الصنفين المقابلين حالًا لزم أن يكون الآخر كذلك.
ثم ختم الكلام بما يجري مجرى التهديد قائلًا: {قل كفى بالله} الآية. وذلك أن إظهار المعجزة على وفق دعوى النبي شهادة من الله تعالى له على الصدق. فإذا لم تسمع هذه الشهادة وهو عليم ببواطن الأمور وخفيات الضمائر فكيف بظواهرها؟ علم أن هذا مجرد الحسد والعناد من العباد فيجزيهم على حسب ذلك. ثم بين أن الإقرار والإنكار مستندان إلى مشيئته وتقديره فقال: {ومن يهد الله} الآية. وقد مر خلاف المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة في مثله في آخر الأعراف وغيره. وقوه: {فهو المهتد} حمل على اللفظ وقوله: {فلن تجد} حمل على المعنى. والخطاب في {لن تجد} إما للنبي أو لكل من يستحق الخطاب. والأولياء الأنصار، والحشر على الوجوه إما بمعنى السحب عليها كقوله: {يوم يسحبون في النار على وجوههم} [القمر: 48] وإما بمعنى المشي عليها كما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال: «إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم» وقيل لابن عباس: قد أخبر الله تعالى عنهم بأنهم يرون وينطقون ويسمعون حيث قال: {رأى المجرمون النار} {دعوا هنالك ثبورًا} {سمعوا لها} الجمع بين ذاك تغيظًا وزفيرًا فكيف وبين قوله: {عميًا وبكمًا وصمًا} ؟ فأجاب بأنهم لا يرون ما يسرهم، ولا ينطقون بحجة تقبل منهم، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم.
وفي رواية عطاء أنهم عمي عن النظر إلى ما جعله الله لأوليائه، بكم عن مخاطبة الله، ومخاطبة الملائكة المقربين، صم عن ثناء الله على أوليائه، وقال مقاتل: هذه الأحوال بعد قوله تعالى لهم: {اخسئووا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108] أو بعد أن يحاسبوا فيذهب بهم إلى النار. وإنما جعلوا مؤوفي الحواس جزاء على ما كانوا عليه في الدنيا من التعامي والتصامم عن الحق ومن عدم النطق به {كلما خبت} أي سكن لهبها. خبت النار تخبوا خبوًا وأخباها غيرها أي أخمدها {زدناهم سعيرًا} قال ابن قتيبة: أي تسعرًا وهو التهلب. ولا ريب أن خبو النار تخفيف لأهليها فكيف يجمع بينه وبين قوله: {لا يخفف عنهم العذاب} [البقرة: 162] وأجيب بأنه يحصل لهم في الحال الأولى خوف حصول الحالة الثانية فيستمر العذاب، أو يقال: لما عظم العذاب صار التفاوت الحاصل في الوقتين غير مشعور به، ويحتمل أن يقال: المراد بعدم التخفيف أنه لا يتخلل زمان محسوس أو معتد به بين الخبو والتعسر. وقال في الكشاف: لأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجرامهم تأكلها وتفنيها. ثم يعيدها. وفيه زيادة في تحسرهم وفي الانتقام منهم. ومما يدل على هذا التفسير قوله: {ذلك جزاؤهم} الآية.
ثم أبدى للجاحدين حجة يستبصر المذعن للحق إذا تأمل فقال: {أو لم يروا} الآية. وذلك أن من قدر على خلق السموات والأرض كان على إعادة من هو أدون منها أقدر، وعلى هذا فالمراد من خلق مثلهم إعادتهم بعد الإفناء كما يقول المتكلمون من أن الإعادة مثل الابتداء. ومن قال: أراد أنه قادر على إفنائهم وإيجاد غيرهم بصورتهم ليوحدوه ويتركوا الاتعراض عليه كقوله: {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد} [فاطر: 16] أي يبعثهم. وحين بيّن أن البعث أمر ممكن في نفسه ذكر أن لوقوعه وقتًا معلومًا ما عنده فقال: {وجعل لهم} أي لبعثهم {أجلًا لا ريب فيه} قال جار الله: قوله: {وجعل} معطوف على قوله: {أو لم يروا} والمعنى قد علموا بدليل العقل أنه قادر على خلق أمثالهم وجعل لهم. وأقول: يحتمل أن يكون الواو للاستئناف ووجه النظم كما مر لما طلبوا إجراء الأنهار والعيون في أراضيهم لتتسع معايشهم بين الله تعالى أنهم لو ملكوا خزائن رحمة الله وهي رزقه وسائر نعمه على خلقه التي لا نهاية لها لبقوا على بخلهم وشحهم فضلًا أن يملكوا خزائن هن بصدد الفناء والنفاد. قال النحويون: كلمة {لو} حقها أن تدخل على الأفعال دون الأسماء، لأنها حين تكون على معناها الأصلي تفيد انتفاء الشي لانتفاء غيره.
والاسم يدل على الذوات والفعل هو الذي يدل على الآثار والأحوال لا الذوات. وأيضًا إنها ههنا بمعنى إن الشرطية وهي مختصة بالفعل فلابد من تقدير فعل بعدها، فأصل الكلام: لو تملكون تملكون مرتين: فأضمر تملك إضمارًا على شريطة التفسير فصار الضمير المتصل منفصلًا لسقوط ما كان يتصل هو به ف {أنتم} فاعل الفعل المضمر {تملكون} تفسيره. وقال علماء البيان: فائدة هذا التصرف الدال على الاختصاص أنهم هم المختصون بالشح المتبالغ، وذلك لأن الفعل الأول لما سقط لأجل المفسر برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر من حيث إنه لا يقصد الفعل بل الفاعل كما في قول حاتم: لو ذات سوار لطمتني. لا يقصد اللطمة بل اللاطمة أي لو حرة لطمتني وقوله: {خشية الإنفاق} أي خوف الفقر من أنفق ماله إذا ذهب وأمسكتم متروك المفعول معناه لبخلتم {وكان الإنسان قتورًا} أي بخيلًا شحيحًا، والقتر والإقتار والتقتير والتقصير في الإنفاق. وهذا الخبر لا ينافي ما قد يوجد في الإنسان من هو كريم جواد لأن اللام للجنس أي هذا الجنس من شأنه الشح إذ كان باقيًا على طبعه لأنه خلق محتاجًا إلى ضرورات المسكن والملبس والمطعوم والمنكوح، ولابد له في تحصيل هذه الأشياء من المال فيه تندفع حاجاته وتتم الأمور المتوقفة على التعاون، فلا جرم يحب المال ويمسكه لأيام الضرورة والفاقة. ومن الناس من يحب المال محبة ذاتية لا عرضية فإذًا الأصل في الإنسان هو البخل والجود منه إنما هو أمر تكلفي أو عرضي طلبًا للثناء أو الثواب. وقيل: المراد بهذا الإنسان المعهود السابق ممن قالوا {لن نؤمن لك حتى تفجر لنا} بين الله تعالى أنهم لو ملكوا خزائن الأرض لبخلوا بها.
ثم قال: {ولقد آتينا موسى تسع آيات} فكأنه أراد أنا آتيناه معجزات مساوية لهذه الأمور التي اقترحتموها بل أقوى منها وأعظم، فليس عدم الاستجابة إلى ما طلبتموه من البخل ولكن لعدم المصحلة أو لعدم استتباع الغاية لعلمنا بإصراركم والختم على قلوبكم، عن ابن عباس: أن الآيات التسع هن: العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والحجر والبحر والطور الذي نتقه على بني إسرائيل.
وعن الحسن: الطوفان والسنون ونقص الثمرات. مكان الحجر والبحر والطور.
وعن عمر بن عبد العزيز أنه سأل محمد بن كعب عنهن فذكر من جملتها: حل عقدة اللسان والطمس على أموالهم. فقال له عمر: لا يكون الفقيه إلا هكذا. أخرج يا غلام الجراب فأخرجه فنفضه فإذا بيض مكسور بنصفين وجوز مكسور وفوم وحمص وعدس كلها حجارة.
وعن صفوان بن عسال أن بعض اليهود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «أوحى الله إلى موسى أن قل لبني إسرائيل: لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تفشوا سر أحد إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف، وأنتم يا يهود خاصة لا تعدوا في السبت» فقام اليهوديان فقبلا يديه ورجليه وقالا: إنك نبي ولولا أنا نخاف القتل لاتبعناك.
قال الإمام فخر الدين الرازي: هو أجود ما قيل في الآيات التسع. وأقول: عد الأحكام من الآيات البينات فيه بعد، اللَّهم إلا أن يقال: النهي عن مساوىء الأخلاق والعادات من جملة علامات النبوة. قال بعد العلماء: أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بتسع وزاد واحدة تختص بهم. وروى أبو داود هذا الحديث ولم يذكر: «ولا تقذفوا محصنة» وشك شعبة في أنه صلى الله عليه وسلم: «ولا تقذفوا محصنة» أو قال: «تولوا الفرار» وقيل: إنه كان لموسى آيات أخر كإنزال المن والسلوى عليه وعلى قومه، وكالآيات التي عدها بعضهم من التسع وتركها بعضهم. إلا أن تخصيص العدد بالذكر لا يقدح في الزيادة عليه. هكذا قال الأصوليون، ولكن الذوق يأبى أن لا يكون للتخصيص فائدة.
والذي يدور في خلدي أن سبب التخصيص هو أن مرجع جميع معجزاته إلى تسع أنواع كلمتين ونقص الثمرات مثلًا فإنهما نوع واحد وهو القحط وقد يعسر إبداء ما به الاشتراك ولكن لابد عندي من اعتقاد الانحصار في التسع لأجل خبر الصادق. أما قوله: {فاسأل بني إسرائيل} فالخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم والسؤال سؤال استشهاد لمزيد الطمأنينة والإيقان، لأن الأدلة إذا تظاهرت كان ذلك أقوى وأثبت. والمسؤولون مؤمنو بني إسرائيل كعبد الله بن سلام وأصحابه. وقوله: {إذا جاءهم} يتعلق بـ {آتينا}. وينتصب بإضمار اذكر، أو هو للتعليل. والمراد فاسألهم يخبروك لأنه جاءهم أي جاء أباهم. ويحتمل أن يكون الخطاب لموسى بتقدير القول أي فقلنا له حين جاءهم سل بني إسرائيل أي سلهم من فرعون وقل له أرسل معي بني إسرائيل، أو سلهم عن إيمانهم وعن حال دينهم أو سلهم عن أن يعاضدوك ويساعدوك في الأمور والمسحور الذي سحر فخولط عقله. وقيل: هو بمعنى الساحر كالمشؤوم والميمون قاله الفراء.
وعن محمد بن جرير الطبري أن معناه أعطى علم السحر. ومن قرأ {علمت} بضم التاء فظاهر لأن موسى كان علمًا بصحة الأمر وأن هذه الآيات منزلها رب السموات والأرض، فأراد أني لا أشك في أمري بسبب تشكك مكذب مثلك. ومن قرأ بفتحها فالمراد تبين أن كفر فرعون كفر جحود وعناد كقوله: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا} [النمل: 14]. وقوله للآيات: {هؤلاء} كقوله:
والعيش بعد أولئك الأيام

ومعنى. بينات مكشوفات وانتصابها على الحال كأنه أشار بقوله: {ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض} إلى أنها أفعال خالقة للعادة، وبقوله:. إلى أن فاعله إنما فعله لغرض تصديق المدعي فتم حد المعجز بمجموع القيدين.
ثم قارع موسى ظن فرعون بظنه فقال: {إني لأظنك يا فرعون مثبورًا} قال الفراء: أي ملعونًا محبوسًا عن الخير من قولهم: ما ثبرك عن هذا أي ما منعك وصرفك. وقال مجاهد وقتادة، أي هالكًا من الثبور الهلاك. ولا ريب أن ظن موسى أصح من ظنه لأن إنكار ما علم صحته يستعقب لا محالة ويلًا وثبورًا وحسرة وندامة، ولهذا قال: {فأراد} أي فرعون {أن يستفزهم من الأرض} أي يستخف موسى وقومه من بسيط الأرض أو من أرض مصر بالقتل والاستئصال أبو بالنفي والإخراج. والحاصل أن فرعون عورض بنقيض المقصود فأغرق هو وقومه وأسكن بنو إسرائيل مكانه تحقيقًا لقوله: {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} [فاطر: 34] ثم أخبر عن المعاد قائلًا {فإذا جاء وعد الآخرة} وهو قيام الساعة {جئنا بكم} يعني معشر المكلفين كلهم {لفيفًا} جماعات من قبائل شتى ذوي أديان ومذاهب مختلفة، وذلك لأجل الحكم والجزاء والفصل والقضاء.